بقايا جروح
عدد الرسائل : 52 العمر : 33 الموقع : نابلس تاريخ التسجيل : 28/09/2008
| موضوع: تـــــــابع المقالة الاجتماعية الإثنين سبتمبر 29, 2008 7:30 pm | |
| وهي كلها في قوله تعإلي : ا- ]ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر [ (2 / 185) ( معناها الدعوة إلي الحفاظ على الصحة والطاقة ) . 2-] فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك [ ((2 / 196) (وفيه دعوة إلي تطهير الجسم مما يتعلق به من جراثيم وذلك بحلق الشعر خلال الإحرام للمريض وبذلك تتفتح مسام الجلد وتخرج الخبائث من الجسم ) . 3-] وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً [ (4/43) (العدول عن الماء إلي التراب لتلافي كل ضرر يحصل للجسم ) . كل ذلك يبرز تفاعل العنصر الديني وعنصر العلاج الطبي . وقد عنى الإسلام بحفظ الصحة ( Hygiene) فحض على الطهارة ]وثيابك فطهر [ والغسل والوضوء والاستنجاء والاستبراء والسواك بدل غسل الأسنان ببول البقر في أوروبا (987) ولوازم الفطرة ( وهي حول ما برز في الجسم لحما يته كالأظافر وشعر الإبط والأنف والعانة والختان (الخ) وذلك بالإضافة إلي تطهير الثياب كل ذلك تمهيداً لتصفية الفكر وتطهير العقل من الوساوس والهواجس المثيرة للأعصاب. وهكذا اهتم الإسلام بالطهارة كعلاج وقائي للجسم والروح معاً كما دعا إلي الالتجاء إلي الله تعوذاً من الخوف والقلق واليأس مع الابتعاد عن الخمور والمخدرات والميسر والقمار لطرد أسباب هذا القلق (10). وقد أبرز الأستاذ أرنيست أدولف (11) الطبيب الجراح في جامعة سان جوهن st.Johns الأمريكية هذا الشرط في دعم العلاج الطبي الحقيقي. وبخصوص الصيام ابرز الدكتور ماك مادان، Mac Madan " وهو من أمهر الأطباء الأمريكان في كتاب أفرده للصيام- النتائج الباهرة التي يسفر عنها الصيام وأثره الحاسم على الأمراض المستعصية مؤكدًا أن كل إنسان هو في حاجة إلي الصوم حتى لو لم يكن مريضاً لأن السميتات ( أو الديفانات (Toxines) الغذائية والعلاجية تتراكم في الجسم مسببة التوعك مع تثاقل وتناقض في النشاط فإذا تم الصيام خف وزن الصائم وانحسرت الديفانات عن جسمه فتصفى ويتنقى كلياً مع إنبثاق شعور لديه بعد مرور أيام على صومه بحيوية وقوة لم يعهدها من قبل فالصوم يعالج كل أمراض المعدة والأدوار الدموية وأوعية الدم كالرثية (الروماتيزم). وهذا مصداق قوله عليه السلام (صوموا تصحوا). فالكشف عن الداء ووصف الدواء من أسس الشعائر الدينية في الدين الحنيف. وقد اعتبر الإسلام أن لكل داء دواء وان المريض يجب أن يبحث لمرضه عن علاج وإلا عوقب بسبب إلقاء نفسه إلي التهلكة كما يجب أن لا ينساق مع المفهوم المخطئ للقضاء والقدر لأن محاولة العلاج أيضاً داخلة في مفهوم القدر . وفي الوقت الذي أعتبر الإسلام المتطبب ضامناً إذا غلط في نوعية العلاج فإنه سهل مأمور يته بإباحة ما لا يباح لغيره كالنظر إلي الأعضاء المحرمة من جسمه إذا اقتضى الحال. على أن الإسلام قد حلل أصول الخليقة في آيات وأحاديث برهن تطور العلم في العصور الحديثة على عمق تحليلاتها والله قد خلق الإنسان من ]صلصال من حمأ مسنون [ (15/ 26) أو ]صلصال كالفخار[ (55/ 14) أو من سلالة من طين [ (23/ 12) أي خلاصة من مركبات جيرية على اثر تفاعلات فيزيائية كيمياوية إحيائية في مزيج مائي أدت إلي تكوين عضوي لزب متلائم الأجزاء على غرار الفخار المتماسك. وقد تأيد هذا الوضع (12) بأدلة علمية منها : ا- توافر العناصر الكيماوية الموجودة في الطين جزئياً داخل الجسم البشري وهذه " الجزئية " مضمنة في كلمة سلالة وقد تأكد من جهة أخرى في تجارب حديثة قام بها الكيماوي جيمس لاوس James G . Lawless ، تشهد بان الحياة نشأت في الطين وهذا يجف فتتولد عنه جزئيات تتكون منها نويات (Nucle'otides) يجب أن تقارن مع ما وصفه القرآن باللزوب أو الصلصال ومعنى ذلك أن التجفف يسبق تكوين الجزئيات ما قبل الإحيائية في مستنقعات كالتي توجد في (وادي الريفت) بالبحر الأحمر. تلك بعض الجوانب الدينية التي تشكل أساس الفكر الطبي في الإسلام والتي يمكن استثمار أبعادها العلمية في تحليلات تقنية دقيقة ضمن الأبحاث الجامعية الحديثة التي يجب أن تستهدف بالدرجة الأولى وصل برامج كليات الطب مع تعاليم الإسلام وعلينا لدعم هذا الرصيد الثري أن نستعرض عطاءات الفكر الإسلامي في التجارب الطبية الرصينة التي أغنت المكتبة العلمية الإنسانية . وبودنا أن نضرب لهذا العطاء أمثلة مستقاة خاصة من إسهامات الغرب كامتداد لإبداعات الشرق الإسلامي . ويتجلى للباحث أن أبا بكر محمد بن زكرياء الرازي هو في الحقيقة أبو الطب العربي وقد ألف ما يناهز مائتي كتاب ترجمت جميعها إلي اللاتينية وقد وصف الجدري والحصبة وهو أول من استعمل الفتائل في العمليات الجراحية وكذلك الأنابيب التي يمر منها الصديد والقيح والإفرازات السامة وكان طبيباً أخصائياً حيث ألف كتاب " تجارب المارستان " فلا شك إذن أن الرازي يمكن أن يسجل في طليعة أطباء العرب . وقد أكد (لوكلير) أنه إذا كان الكندي هو أول فيلسوف ظهر عند العرب فان الرازي هو أول طبيب عند العرب (تاريخ الطب العربي ج ا ص 337). وقد شعر العرب منذ القرن الثاني للهجرة بأهمية علم الصيدلة في التجارب الطبية كما اقتنعوا بان معرفة الكيمياء أساسية في البحوث الصيدلية وقد أكد (يرتيلو) في كتابه " الكيمياء في القرون الوسطى) أن كتب جابر بن حيان في الكيمياء هي غاية ما وصل إليه العقل الإنساني من الابتكار وان كل المشتغلين بهذا العلم من بعده كانوا عالة عليه. وقد سبق العرب الأوربيين إلي وضع الأواني الزجاجية الكبيرة التي تحتوي على السوائل الملونة. ثم جاء الأستاذ (ابن سينا) فكانت اعظم مصنفاته الطبية بعد القانون هي أرجوزته المعروفة عند الأوربيين ب "كانتيكوم ". واهم شرح لها هو الذي ألفه (ابن سينا) وقد ترجم إلي اللاتينية وكان بن زهر الأوسط يفضلها على القانون لأنها جامعة لمبادئ العلم. يعتبر كتاب القانون لابن سينا والحاوي للرازي وكتاب علي بن عباس اعظم الموسوعات الطبية التي أنتجها العرب الوكلير ج ا ص 470). ويوجد قرار جامعي مؤرخ ب 1617 يدل على أن كتب الرازي وابن سينا كانت أساس التعليم الطبي في جامعة لوفان في القرن السابع عشر وابن سينا كان أساس الدراسات في جامعات أوربا طوال ستة قرون ( أعراف المسلمين وعاداتهم) (كوتي ص 245). وأول من نظم صناعة الطب وقيدها حرصا على مـصلحة الجمهور المقتدر الذي تولى الخلافة عام 295 هـ ففرض تأدية امتحان وبلغ عدد المتخرجين في جانبي بغداد 319 هـ- 860 رجلاً سوى من استغنى عن امتحانه باشتهاره بالتقدم في الصناعة (القفطى ص 130) . وأجرى أول امتحان للصيادلة أيام المعتصم عام 221 هـ. وقد جاء في (نهاية الرتبة في طلب الحسبة) لعبد الرحمن الشعر اوي (مخطوط) أن المحتسب كان يحلف الأطباء " أن لا يعطوا أحداً دواء مراً ولا يركبوا له سماً ولا يصنعوا السمائم عند أحد من العامة ولا يذكروا للنساء الدواء الذي يسقط الأجنة ولا للرجال الدواء الذي يقطع النسل والغض عن المحارم وعدم إفشاء الأسرار ( أو السر المهني) والتوفر على جميع الآلات.. " ومن أنجع الوسائل التي كان العرب يقاومون بها الأمراض بجانب المصحات حسن التغذية وتناسب الملبوس مع الفصول (13) والأساليب الوقائية وفي مقدمتها الطهارة.
لهذا نرى أن الحمامات كانت متوافرة بصورة غريبة وقد ألفت في حمامات دمشق كتب مثل (عدة الملمات في تعداد الحمامات) ليوسف بن عبد الهادي من رجال القرن العاشر ويقولون إن حمامات بغداد بلغت بضعة آلاف منذ القرن الثالث وفي القاهرة بلغت ثمانين فقط في القرن السابع وفي نفس الوقت كان بالفسطاط أكثر من ألف حمام. وذكر الخطيب البغدادي في تاريخه أن عدد الحما مات في عهد الرشيد والأمين بلغ ستين ألفاً وذكر ابن جبير أن في بغداد ألفين من الحمامات وقد طليت سطوحها بالقار . وقد نوه رينو بحكمة المسلمين في اختيار أزيائهم مثل الثياب الصوفية البيضاء الني توافق الصحة في البلاد الحارة والتي لا تخزن أشعة الشمس أكثر من الحاجة وتحفظ حرارة الجسم إبان البرد زد على ذلك أن الثوب الفضفاض يساعد على تسرب الهواء الضروري للتنفس الجلدي ولا يضغط على بعض الأجهزة مثل الكبد والمعدة (الصحة في المغرب ص 14). وابرز طبيب عربي ظهر في الأندلس في القرن الرابع هو أبو القاسم خلف بن عباس الزهر أوي صاحب كتاب " التصريف لمن عجز عن التأليف) وقد قال فيه أحد الجراحين الغربيين: " لا شك أن الزهر أوي أعظم طبيب في الجراحة العربية " وقد اعتمده واستند إلي بحوثه جميع مؤلفي الجراحة في القرون الوسطى وكتابه هو اللبنة الأولى في هذا الفن وهو أول من ربط الشرايين ووصف عملية تفتيت حصاة المثانة واستخرجها بعملية جراحية وعالج الشلل وأول من أستعمل خيوط الحرير في العمليات الجراحية. وذكر ( لوكلير ) من جهته أن الزهر أوي أعظم ممثل لعلم الجراحة في المدرسة العربية (ج ا ص 334). والظاهرة الطريفة التي امتاز بها كتابه (التصريف) للزهر أوي هو إدراجه بازاء النصوص لصور الآلات. وقد عرف البر ابر في المغرب العربي منذ عهود سحيقة حقن جراثيم الجدري وكانوا يستعملونها لتحصين المصاب (كوادر- وصف المغرب وتاريخه ا ص 239 ) . ونقل الكانوني في "شهيرات المغرب " (مخطوط) عن كتاب "فن الأسنان بالمغرب الأقصى " أنه كان بفاس في القرن الرابع الهجري مدرسة طبية وذلك أيام كان المغرب تحت نفوذ الأمويين . نعم في العهد الذي كانت الأندلس خاضعة لسلطان مراكش تكونت- كما يقول لوكلير (جـ2 ص 240)- جماعة من الأطباء التفت حول ملوك المرابطين والموحدين وسار معظمهم في ركاب هؤلاء الملوك إلي المغرب حيث قضوا بقية حياتهم في العلاج وتدريس الطب- فأفاد المغرب كثيرا من نكبة الأندلس. ويظهر أن أبا العلاء زهر بن زهر هو أول طبيب أندلسي ورد على المغرب بعد استيلاء المرابطين على الأندلس وقد كان طبيباً خاصاً ليوسف بن تاشفين بعد أن كان طبيب المعتمد بن عباد باشبيلية . وكانت له آراء شاذة في الطب منها منعه من الحمام اعتقاداً منه بأنه يعفن الأجسام ويفسد تركيب الأمزجة (عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة جـ 2 ص 64- 66). | |
|